أعراض نقص هرمون السيروتونين
يُعد السيروتونين (Serotonin) أحد أهم النواقل العصبية الكيميائية في الجهاز العصبي المركزي والدماغ، ويُعرف علميًا باسم “5-هيدروكسي تريبتامين” (5-HT). يلعب هذا الهرمون دورًا بالغ الأهمية في تنظيم عدد كبير من الوظائف النفسية والجسدية، مثل الحالة المزاجية، والنوم، والشهية، والذاكرة، وحتى الإحساس بالألم. أي اختلال في مستوياته يؤثر بشكل مباشر في الأداء النفسي والجسدي للإنسان، وقد يؤدي إلى اضطرابات مزمنة نفسية وجسدية معقدة. نقص السيروتونين لا يُعد مشكلة بسيطة، بل يُنظر إليه كمفتاح لفهم اضطرابات الاكتئاب والقلق والوسواس القهري واضطرابات النوم وغير ذلك من الحالات النفسية والجسدية.
هذا المقال الموسع يُقدم عرضًا شاملًا وعلميًا لأعراض نقص السيروتونين، ويركز على تحليل الأعراض النفسية والجسدية، والعوامل المسببة، وكيفية التمييز بينه وبين اضطرابات أخرى مشابهة، كما يتضمن معلومات علمية حديثة ذات أساس بحثي.
السيروتونين ووظائفه في الجسم
يلعب السيروتونين دورًا حيويًا كمادة كيميائية تنقل الإشارات العصبية بين الخلايا العصبية في الدماغ والجهاز العصبي المركزي. يُنتج السيروتونين بشكل رئيسي في الدماغ، لكن ما يُقارب 90% من إجمالي السيروتونين في الجسم يُنتج في الأمعاء، مما يعزز الارتباط الوثيق بين صحة الجهاز الهضمي والصحة النفسية.
أبرز وظائف السيروتونين تشمل:
-
تنظيم المزاج والشعور بالسعادة أو الراحة.
-
التأثير على النوم (إذ يتحول السيروتونين إلى ميلاتونين).
-
تنظيم الشهية وسلوك الأكل.
-
التأثير على الوظائف المعرفية مثل الذاكرة والتعلم.
-
التأثير على حركة الأمعاء وتنظيم وظائف الجهاز الهضمي.
-
تنظيم درجة حرارة الجسم والإحساس بالألم.
-
المساهمة في تخثر الدم.
الأعراض النفسية لنقص السيروتونين
1. الاكتئاب
يُعد الاكتئاب المزمن أو المتكرر من أبرز أعراض نقص السيروتونين، إذ يرتبط انخفاض مستويات هذا الهرمون بانخفاض المزاج، فقدان الاهتمام، واليأس المستمر. الأشخاص الذين يعانون من نقص السيروتونين يشعرون بالحزن المستمر، حتى في غياب سبب واضح.
2. القلق واضطرابات الهلع
نقص السيروتونين يؤدي إلى خلل في الاستجابة العصبية للمحفزات، مما يجعل الأفراد أكثر عرضة للقلق والتوتر والانفعال الزائد. القلق المعمم، ونوبات الهلع المتكررة، والشعور بالخطر الدائم من دون مبرر واضح، كلها علامات شائعة.
3. اضطرابات النوم
يرتبط السيروتونين بهرمون الميلاتونين، المسؤول عن تنظيم دورة النوم والاستيقاظ. نقص السيروتونين يؤثر سلبًا على جودة النوم، ويسبب الأرق، أو النوم المتقطع، أو الاستيقاظ في منتصف الليل والشعور بعدم الراحة.
4. ضعف التركيز والتشتت الذهني
يؤثر السيروتونين في العمليات المعرفية مثل الانتباه والذاكرة قصيرة المدى. من يعانون من نقصه يعانون من بطء التفكير، صعوبة اتخاذ القرارات، ضعف القدرة على التركيز، وانخفاض الأداء الذهني العام.
5. الوسواس القهري
تُظهر الدراسات أن العديد من المصابين باضطراب الوسواس القهري (OCD) يعانون من نقص السيروتونين. تظهر عليهم سلوكيات قهرية متكررة، وأفكار وسواسية يصعب التحكم بها.
6. الحساسية العاطفية والانفعال الزائد
يُلاحظ على الأشخاص المصابين بنقص السيروتونين تقلبات مزاجية سريعة، وانفجارات عاطفية مبالغ بها، وقد يبالغون في ردود أفعالهم تجاه المواقف البسيطة، سواء بالغضب أو البكاء أو الحزن الشديد.
الأعراض الجسدية لنقص السيروتونين
1. الصداع المزمن والصداع النصفي
نقص السيروتونين في الجهاز العصبي يؤدي إلى توسع الأوعية الدموية، مما يسبب الصداع المزمن أو الصداع النصفي (الميغرين). في حالات كثيرة، تكون نوبات الصداع مرتبطة بتقلبات المزاج.
2. اضطرابات الجهاز الهضمي
نظرًا لإنتاج معظم السيروتونين في الأمعاء، فإن نقصه يؤدي إلى اضطرابات هضمية مثل القولون العصبي، الانتفاخ، الإمساك المزمن، أو الإسهال المتكرر. كما يُعتقد أن له دورًا في الإحساس بالألم البطني.
3. الألم العضلي الليفي (Fibromyalgia)
تشير الأبحاث إلى وجود علاقة بين نقص السيروتونين ومتلازمة الألم العضلي الليفي، وهي حالة مزمنة تتسبب في ألم واسع النطاق في العضلات والمفاصل، وتكون مصحوبة بالتعب واضطرابات النوم.
4. انخفاض الرغبة الجنسية
السيروتونين يلعب دورًا في تنظيم الوظيفة الجنسية، ونقصه يؤدي إلى انخفاض الرغبة الجنسية، أو حتى ضعف الأداء الجنسي لدى الجنسين.
5. التعب المزمن
يعد الشعور بالإرهاق المستمر أحد الأعراض المميزة لنقص السيروتونين، حتى مع النوم الجيد. ينتج ذلك عن خلل في توازن الطاقة العصبية والجسدية.
6. اضطراب الشهية وتغيرات في الوزن
يؤثر السيروتونين على الشهية وتنظيم الأكل. نقصه قد يؤدي إلى تناول الطعام العاطفي، أو فقدان الشهية، أو الرغبة الشديدة في تناول السكريات والكربوهيدرات.
الفرق بين نقص السيروتونين واضطرابات نفسية أخرى
رغم أن الأعراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق قد تظهر في حالات مرضية متعددة، إلا أن ما يُميز نقص السيروتونين هو ترافق مجموعة من الأعراض النفسية والجسدية معًا. فعلى سبيل المثال، وجود اكتئاب مصحوب بألم عضلي، واضطراب في النوم، وضعف في التركيز، واضطرابات هضمية، قد يشير بوضوح إلى نقص في السيروتونين كمصدر رئيسي.
الأسباب المؤدية إلى نقص السيروتونين
| العامل | التأثير |
|---|---|
| نقص التغذية | نقص الأطعمة الغنية بالتريبتوفان مثل البيض، الجبن، والموز يؤدي إلى نقص السيروتونين. |
| التوتر المزمن | الضغط العصبي المستمر يؤدي إلى استهلاك السيروتونين بشكل مفرط. |
| قلة التعرض لأشعة الشمس | الشمس تحفز إنتاج السيروتونين من خلال فيتامين D، وقلة التعرض لها يؤدي إلى النقص. |
| العوامل الجينية | وجود خلل جيني في مستقبلات السيروتونين أو الإنزيمات المرتبطة به يؤثر على مستوياته. |
| تناول بعض الأدوية | بعض أدوية ارتفاع الضغط أو مضادات الهستامين تؤثر سلبًا على مستويات السيروتونين. |
| اضطرابات الجهاز الهضمي | ضعف الامتصاص أو الالتهابات المعوية يؤثر على إنتاج السيروتونين المعوي. |
| الإدمان على الكحول أو المخدرات | يؤدي إلى تثبيط إنتاج السيروتونين الطبيعي. |
الفئات الأكثر عرضة لنقص السيروتونين
-
الأفراد الذين يعيشون في مناطق قليلة الشمس.
-
الأشخاص المصابون بالاكتئاب أو القلق المزمن.
-
الأفراد الذين يعانون من أمراض مناعية أو هضمية مزمنة.
-
الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية فقيرة بالبروتين.
-
من يعانون من اضطرابات النوم المزمنة.
-
المسنون، نظرًا لتراجع إنتاج السيروتونين مع التقدم في العمر.
كيف يمكن تشخيص نقص السيروتونين؟
لا يوجد اختبار دم مباشر ودقيق لمستويات السيروتونين في الدماغ، إذ أن النسبة في الدم لا تعكس بدقة النسبة في الدماغ. إلا أن التشخيص يتم عبر:
-
التقييم الإكلينيكي للأعراض النفسية والجسدية.
-
التاريخ الطبي والعائلي.
-
استبعاد الأسباب العضوية الأخرى (مثل اضطرابات الغدة الدرقية).
-
استجابة المريض للعلاج بمثبطات إعادة امتصاص السيروتونين (SSRIs) كمؤشر غير مباشر.
مراجع علمية
-
Young SN. How to increase serotonin in the human brain without drugs. J Psychiatry Neurosci. 2007;32(6):394–399.
-
Berger M, Gray JA, Roth BL. The expanded biology of serotonin. Annu Rev Med. 2009;60:355–366.
